هذه مشاهد مثيرة عن ردود أفعال طريفة وغريبة لأحياء برية مثل غزال الريم والمها العربي والقطط البرية والثعالب أو المفترسات الصغيرة وطيور القطا وأم سالم والصرد وغيرها حينما تكتشف الكاميرات التي تراقبها وترصد حركاتها، رغم أن كل كاميرة مخفية وبحجم أصغر من قبضة اليد.
ستشاهد الطرائف التي تنطوي على خوف وفزع وفضول وتطفل وعبث وسلوك غريب من الأحياء البرية التي أوثقها بكاميرات أثبتها في مواقع محمية بعضها من كاميرات فخية مخصصة لرصد ودراسة وتصوير الحياة البرية، فأتركها أحيانا في المكان لأيام متصلة، وهي كاميرات مراقبة مزودة بحساسات فتصور تلقائيا بمجرد ظهور أي شيء يتحرك أمامها.
سأقدم مع كل مشهد، في ذلك الفيديو الطويل، توضيحا له ومعلومات أو تفسيرا لردود أفعال تلك المخلوقات.
اختلفت ردود أفعال المخلوقات حينما اكتشفت هي الكاميرات، وتفاوت سلوكها في تلك المواقع المحمية في السعودية، وتلخص المشاهد بعض التجارب التي أجريتها على طيور وحيوانات برية من أجل إختبار حواسها.
أقدمُ مع المشاهدِ توضيحا لملابساتِ كل مشهد طريف أو غريب أو تفسيرا لسلوك تلك المخلوقات، أو عرضا لحقائق تتعلق ببيئتها وطبيعتها الفطرية.
ويضم ذلك الفيديو الطويل "وهذا الفيديو القصير هو جزء منه" معاني أسماء النساء ذات العلاقة بالغزلان.
وحول المها العربي أو الوضيحي فإن كل مالدي من طرائفه تشير إلى أنه بطيئ في ردة الفعل، ويوضح ذلك مشهدها حينما بقيت وقتا ترعى ولم تفزعها الكاميرة بل تقدمت إليها وكأنها تقبّل العدسة!
وفي مشهد آخر لظبي ريم لفت انتباهي في لقطة مشابهة للمها مع أنه حيوان بري حسّاس حينما يقترب من الكاميرة ويجفل سريعا إما بالهرب أو الانحراف عنها أو القفز فوقها.
وتعتبر الظباء والمها من الجوازي. وهذه كلمة تعني نوع من الأحياء تكتفي عن شرب الماء بسوائل تستمدها من النباتات الرطبة التي تأكلها فلا تحتاج بطبيعتها إلى الشرب إذا توافر في مرعاها نباتات رطبة وأشجار ظل تلوذ تحتها عن حرارة الجو، مع أن الظباء والمها تشرب الماء لكن يمكنها العيش في الصحراء بدون شرب الماء.
وأنوه إلى أن كلمة جازي اسم نسائي كان من الأسماء الشائعة للنساء في مناطق بالسعودية، ويقودنا ذلك إلى أسماء أخرى مثل:
رشا: صغير الظبي إِذا قوي وتحرك ومشى مع أُمِّه.
وشادن وشدن: صغير الظبي إذا قوي واستغنى عن أمِّه.
ومها والمها هي البقرة الوحشية التي لها اسم مرادف هو خنساء.
والعنود اسم نسائي يعني الظبية الذي تتقدم قطيع الغزلان وتقوده.
وقطيع الغزلان له اسم عامي هو جميلة.
وخولة: اسم مرادف لكلمة غزالة.
وعزة: هي بنت الظبية أي الغزالة.
وريم والريم يقصد بها نوع من الغزلان يغلب عليه البياض، بينما الأُدْم والإدمي والدماني وغزال الجبل هو نوع آخر من الظباء يتميز بخفة وجمال حركته وطول قوائمه وقفزاته وطول عنقه.
وعفراء: مؤنث أعْفَر. والعفري نوع من الغزلان كان قد انقرض تماما من براري السعودية ولا وجود له الآن نهائيا. وكان يعرف باسمه العلمي
‏Gazella saudiya
‏وترجمته الغزال السعودي، وكان يوجد فقط في أجزاء من السعودية والكويت واليمن.
وفي الفيديو أيضا لقطات أخرى طريفة وغريبة، منها أرنب بري قفز فوق حامل صغير للكاميرة، لكن الغريب ذلك المشهد الليلي.. حيث قمت بتثبيت كاميرة أمام أعشاب أخفيت تحتها حبات من التمر لأعرف قوة حاسة الشم عند الأرانب البرية وقدرتها على الاستدلال على مصدر الرائحة، وتبين أن واحدا من الأرانب بقي في تلك الليلة يدافع عن العشب ويطرد الأرانب الأخرى حينما حاولت مباغتته، واستمر هكذا عنيدا ليستأثر بالغنيمة أو التمر لوحده.
أما الثعالبُ.. وهي ذات معيشة ليلية.. فتبين كاميرات المراقبة بعض طرائفها التي تؤكد أنها من أسرع الأحياء البرية في إكتشاف الكاميرات؛ وتتقدم إليها أحيانا لتعبث بها لكن سرعان ما تهرب عنها في سلوك حذر بخلاف القطط البرية التي ألحظ أنها رقيقة عندما تتردد على الكاميرات، فبعضها يقترب منها ثم يبتعد بهدوء، وبعضها يبقى فترات طويلة نسبيا يلعب بالكاميرة ويحركها، وبالمناسبة.. رصدت خلال عامي 2023 و 2024 تزايد أعداد القطط البرية في واحدة من أجمل صحاري السعودية، وهي صحراء الصمان. وكانت القطط البرية قبل حماية الصمان شبه نادرة في هذه الهضبة الجميلة.
وحول الطيور فسترى مشهدا من كاميرة فخية كانت مثبتة باتجاه جحور ثعالب فيها صغار، لكن برز طير الصُّرَد وقفز فوق الكاميرة وبقي فترة طويلة لكن الصرد الآخر كان أكثر جرأة منه؛ حيث هجم على كاميرة صغيرة جدا وذات شاشتين خلفية وأمامية، كنت وضعتها بمواجهة خشبة مصابة بآفة أو حشرة النمل الأبيض، وتبعد عنه بمسافة عشرة أمتار، وكان ذلك بهدف أن أختبر قوة إبصاره فانقض سريعا على آفة النمل الأبيض "الأرضة" وأكلها كلها. وطير الصرد رغم صغره إلا أنه جريء جدا ويهجم على طيور أكبر منه وعلى السحالي والفئران والحشرات ويصيدها، وهو نوع مقيم في براري السعودية ويعد من أبرز الطيور الصديقة للبيئة.
وفي الفيديو زوجان من قطا الغطاط يتقدمان بحذر لشرب ماء من واحة جميلة، وكنت وضعت الكاميرة تحت شجيرة لأن طيور القطا حسّاسة جدا، ولم أشاهد في كل الطيور البرية أشد من القطا في الحذر، وانكشف ذلك من حركة عفوية من أنثى القطا حينما اقتربت من الكاميرة ويبدو أنها لمحتها، علما بأني في رصد القطا أضع كاميرة المراقبة تحت شجيرة طبيعية أو شجيرة من البلاستيك أحملها معي وأضعها ساترا لإخفاء الكاميرة.
ومن المشاهد تجد طيور الحمرة القرناء وحمرة الصحراء والمُكاء أو أم سالم وهي في مواسم تفريخ خلال الربيع، وتكشف الكاميرات عن سلوكها المتردد حينما تشاهدها.
في الأخير أتيت بصور لبعض الكاميرات التي أستخدمها ثم ختمت بآية من القرآن الكريم وهي: "وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يُحشرون".
قناة محمد اليوسفي