واجه طير القمري الوديع تناقصا حادا في معظم الدول التي يعبرها مهاجرا. وهذه الفيديو القصير يشير إلى أنه واجه الصيد الجائر في دول أوروبية. وقد تصاعدت مشكلة تناقص القمري المهاجر في طبيعته البرية في العديد من دول انتشاره وهجرته، إلى حد بلغ أن أربع منظمات معنية بشأن الطيور وسلامة بيئاتها في بريطانيا تعمل على مبادرة تسعى إلى الحد من تناقص هذا الطير الجميل الذي يواجه أيضا صيدا جائرا من صيادين في دول أوروبية وأفريقية وآسيوية ودول عربية، لأنه مرغوب جدا في مواسم الصيد إلى درجة أنه يحتل المرتبة الأولى من بين الطيور التي يستهدفها الصيادون في السعودية ودول أخرى في المنطقة.
وقمت باستقصاء المشكلة مشكلة وحلولها، ولخصت ما وصلت إليه من معلومات حديثة في فيديو مدته سبع دقائق ونشرته في هذه القناة وقد أخترت لذلك أفضل المشاهد التي صورتها للقمري في حياته البرية ومنها مشاهد تعطي دلالات معلوماتية مثل طريقة تفريخه ورعاية صغاره.

يرى خبراء في الصيد أن لحم طير القمري الأنيق هو الألذ، وأن صيده هو الأكثر إغراء من بين الطيور المهاجرة في وقت مازالت منظمات معنية بالحفاظ على الطيور تطرح مشكلة شدة تناقصه علما بأنه سُجّل في القائمة الحمراء لدى منظمة IUCN في أغسطس عام 2015 تحت تصنيف “معرض للانقراض”.
وقد لا تُحل المشكلة حتى لو توقفت عمليات الصيد ذلك أن واحدا من آخر التقارير المتخصصة التي تتناول المشكلة كشف أن فقدان الموائل الطبيعية للقمري بأماكن تفريخه وانحسار غذائه في الدول الأوروبية هو العامل الأكثر أهمية في تناقصه. وأوضح التقرير أن هذا الطير في بريطانيا وحدها تجاوزت نسبة تناقصه 90 ٪ قياسا بذروة أعداده في أواخر ستينيات القرن الماضي. وأن التغيرات في طرق الزراعة في دولِ تفريخه أدت إلى انحسار نباتات تُنتج الحبوب والبذور وهي غذاء القميري، وبالتالي تسبب تناقص غذائه في انخفاض متوسط عدد الأفراخ التي تُنتجها طيور القمري إلى النصف تقريبًا. وفي واحدة من أحدث الدراسات جاء أنه تناقص في أوروبا بنسبة 80٪ منذ عام 1980م.
إن مشكلة طير القمري أنه لقي مطاردات باستمرار من الصيادين بإسراف في كل مكان حتى من صيادين دول أوروبا وبخاصة في فرنسا وأسبانيا والبرتغال، فخلال سنين مضت سبقت عام 2018م كان يُصاد في هذه الدول الثلاث مليون طير قمري تقريبا في كل خريف. وهذا صيد غير مستدام أو صيد جائر.
والمشكلة الأكثر تعقيدا أن الجهود أو المشروعات الهادفة إلى الحد من ظاهرة تناقص القمري تبدو حائرة لأن تطبيقها يتطلب تعاونا بين كثير من الدول التي يقيم فيها أو يعبرها مهاجرا، وهذا التعاون لا يتحقق، لأن الجهود والأنظمة ذات الصلة بالحياة الفطرية أو الحياة البرية والصيد متفاوتة بين دولة وأخرى فضلا عن أن طير القمري مهاجر عابر لن يستقر في دولة واحدة ولن تكون انشطة حمايته موحدة عند كل الدول، بل يواجه مطاردات في معظم الدول التي يعبرها خلال هجرته من مناطقه الآسيوية والأوروبية خلال أواخر الصيف ذاهبا ليقضي الشتاء في أفريقيا ثم يعود في رحلة أخرى مع الربيع.
ومن العوامل المؤثرة التي تجعل القمري لا يعود سريعا للتكاثر المطلوب أنه طير إحادي التزاوج، ولتوضيح ذلك فإن أنواعا من الطيور في معيشتها الفطرية يكفي ذكر واحد لمجموعة إناث يتزاوج معها وتتولى كل أنثى حضانة ورعاية الأفراخ بينما القمري يتزاوج الذكر في موسم التكاثر بأنثى واحدة فقط ولا ينصرف إلى غيرها من الإناث. ويتعاون زوجا القمري في حضن ورعاية الأفراخ، ويكون موسم التفريخ في أشهر فصل الربيع مع أوائل الصيف. وتضع الأنثى في العش من بيضة إلى ثلاث بيضات لكن في الغالب بيضتين وينتج الزوجان ثلاث حضنات في كل موسم.
ويبقى الفرخ بحاجة للغذاء وهو سائل متخثر "يشبه الحليب" ينتجه الأبوان اللذان يضعان المنقار في فم الفرخ ليطعماه بالسائل إلى أن يبدأ في تعلم الطيران ثم ينطلق ليبحث عن غذائه من الحبوب والبذور مستعدا للهجرة التي تبدأ مع أواخر الصيف وتتركز في شهر سبتمبر. وكنت نشرت سابقا فيديو فيه حقائق ومعلومات جديدة ودقيقة عن طيران القمري خلال الهجرة بعد مراقبة عينات منه عبر الأقمار الصناعية.
ولم يعد مسموحا بصيد القمري في السعودية منذ عام 2021 م، وغرامة صيد القمرية الواحدة تبلغ 1500ريالا سعوديا في مبادرة للحد من تناقصه وتهديده بالانقراض، لكن يرى المهتمون أن هذا من أسباب سفر بعض الصيادين في السعودية لغرض صيد الطيور المهاجرة في دول عربية في القارة الأفريقية لا تمنع صيد الطيور المهاجرة، مثل المغرب ومصر لغرض صيد القمري أو القميري، ويتردد أنها صارت تستفيد اقتصاديا من تلك الرحلات على الأقل في عائدات السياحة.
إن حلول مشكلة تناقص طير القمري وغيره من الطيور المهاجرة المرغوبة للصيد تبقى مرهونة بتعاون دول كثيرة والتزامها جميعا باتفاقيات دولية حول حماية الطيور المهاجرة، وأن تضع كل دولة على حدة تشريعات واجراءات محلية تساعد في تحقيق الغاية من المعاهدات. وهذا لا يحدث بشكل جماعي. ولا يبدو أن المشكلة ستُحل مع عدم توحيد وجدية اجراءات الحماية في الدول مجتمعة.

ملاحظة: هناك ثلاثة أنواع من طيور اليمام هي:
1- اسم الطير في معاجم اللغة العربية:
الدًّبْسِي.
واسمه في اللغة الانجليزية:
‏Laughing Dove
واسمه العلمي:
‏Streptopelia senegalensis
والأسماء المحلية في السعودية:
يمام النخل، اليمام الأحمر.
2- اسم الطير في معاجم اللغة العربية:
الفَاخِتَة.
واسمه في اللغة الانجليزية:
‏Eurasian Collared Dove
واسمه العلمي:
‏Streptopelia decaocto
والأسماء المحلية في السعودية:
القُوْقِسي، القيسي، أبو طوق.
3- اسم الطير في معاجم اللغة العربية: القُمْرِي.
واسمه في اللغة الانجليزية:
‏European Turtle Dove
واسمه العلمي:
‏Streptopelia turtur
والأسماء المحلية في السعودية:
قُمْرِي، قميري، رقيطي، كْرُور، حمام النزل.

قناة محمد اليوسفي